الاثنين، يونيو 15، 2009

والدتي.. ما أطيبك حية وميتة


الحمد لله الذي كتب على عباده الموت، قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، ففي مساء يوم الثلاثاء 24-5-1430هـ انتقلت إلى رحمة الله تعالى والدتي الغالية.
عندما يتحدث الإنسان عن الأم فإنه يتحدث عن أعظم وأحب شخصية عاشرها في حياته.. كيف لا يكون ذلك والنبي - صلى الله عليه وسلم - (عندما سئل من أحق الناس بصحبتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال أمك, قال ثم من؟ قال أبوك). رواه البخاري.
إن العبارات لتتزاحم عند الحديث عن شخصية والدتي الغالية - رحمها الله وأسكنها فسيح جناته - فهي كانت الأم والأب في نفس الوقت، وذلك بعد وفاة والدي - رحمه الله - في سنواتي المبكرة.. فاعتنت بتربيتي وتوجيهي.. وكانت خير معين لي بعد الله - عز وجل - في مسيرة حياتي.. فلم تبخل علي بدعائها ونصائحها وتوجيهاته، وأنا الذي كنت - كغيري - أتضايق عندما كانت تنظر إلي وكأني ما زلت صغيراً في نظرها أبداً، وكأني لا أرى الدنيا إلا من خلال نظرات أمي لي، وعلى الرغم من تضايقي أحياناً، وتهافتي على تخطي مراحلي المبكرة سريعاً، إلا أني دائماً أشعر بنظرتها المليئة بالحب والحنان والخوف عليّ، وكانت - نظرتها تلك - تعتبر مكابح نفسية لحقيقة تقدم عمري وشعوري به، فلم أشعر بقيمة عمري الرقمية، ولم أكن أعد تلك الشعيرات البيض بدايات كهولة، حتى دفنتها - رحمها الله - فعلمت أني ومهما حاولت صياغة الكلمات والعبارات فلن أجد كلمة أو عبارة تفي للأم حقها، كيف وهي التي حملتك في بطنها تسعة أشهر وكابدت على آلام الوضع ما يذيب المهج.. غسلتك بيدها وآثرتك على نفسها.. فإن أصابك مرض أو شكاية أظهرت من الحزن فوق النهاية.. سهرت من أجلك مراراً وتكراراً.. وتدعو لك بالتوفيق سراً وجهاراً.